تاريخنا

في أربعينيات القرن الميلادي الماضي، وضعت قيادة المملكة العربية السعودية بدايات خططها برؤية ثاقبة وعزيمة راسخة، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية ورفاهية المواطنين. حينها، لم تكن المملكة كما نعرفها اليوم، إذ بدأت خطوةً تلو الأخرى في استخراج النفط، الأمر الذي استدعى إنشاء ميناء على ساحل الخليج العربي، وتوفير وسائل نقل آمنة وسريعة ومستدامة وذات تكلفة منخفضة.

وقد فكرت حكومة المملكة بإنشاء ميناء تجاري كبير لاستقبال السفن الضخمة التي تجلب معدات التنقيب عن النفط، وتستقبل لاحقاً ناقلاته، ووافق الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – على الفكرة، وأمر بتنفيذها فوراً. فكان ميلاد قطاع السكك الحديدية التي انطلق العمل بها في أكتوبر 1947م، وبعد سنوات قليلة في أكتوبر 1951م كان الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – يدشن أول خط حديدي (الرياض – الدمام) في حفل حاشد بالرياض.

منذ ذلك الحين، توسّعت شبكة الخطوط الحديدية السعودية بين المدن، وصدر عدد من القرارات لدمج كافة الخطوط الحديدية تحت مظلة واحدة، بهدف بناء منظومة نقل متكاملة ومتميزة، وتوفير التشريعات والتسهيلات اللازمة لتمكين القطاع من الاستثمار الأمثل لموقع المملكة الاستراتيجي كمحور لربط القارات، وهو ما يشكّل إحدى ركائز رؤية المملكة 2030.

و تُوّجت بصدور قرار مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 16 فبراير 2021م، حيث تم إلغاء المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وإحلال الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) محلها اعتباراً من 1 أبريل 2021م. والتي تأسست عام 2006 لتكون المالك والمشغل لقطار الشمال، ولتمثل الوجه الشاب لهذه الصناعة وذراعها المستقبلي لتحقيق الاستدامة في نقل الركاب والبضائع.

إنها قصة نجاح شهدتها صناعة الخطوط الحديدية في المملكة، خاصة ما أُنجز في العقد الأخير من شبكات كبرى خلال فترة قياسية، رغم ضخامة هذه المشاريع التي تعد من بين أضخم مشاريع البنية التحتية التنموية التي أٌسست في المملكة. واليوم، تمثل "سار" خلاصة هذه التجربة ورحيقها، في طريقها نحو آفاق أوسع تشغيلياً واستثمارياً.